عام 2000م، كان المطران منير حنا أنيس أول من تثقل برؤية تأسيس كلية اللاهوت الأسقفية، AST، إذ بعد سيامته أسقفًا لأبرشية مصر وشمال أفريقيا والقرن الأفريقي، قرر تأسيس هذه المدرسة اللاهوتية، لتساهم في إعداد الرجال والنساء لخدمة الأبرشية التي كانت قبلاً ترسل خدامها المرتسمين إلى كليات اللاهوت الأسقفية خارج مصر أو لمعاهد لاهوتية تشرف عليها طوائف مسيحية أخرى وهو أمر مكلف كما أن الدراسة في تلك المعاهد لا تعبر عن الفكر الأسقفي الشرق أوسطي.
وتستمد كلية اللاهوت الأسقفية، AST، الإلهام في رؤيتها من مدرسة اللاهوت المسيحية المعروفة في التاريخ المبكر باسم مدرسة التعليم الديني،Catechetical School ، التي تأسست في مدينة الأسكندرية بمصر بغرض تدريب الباحثين والمؤمنين والتائبين الجديد على أسس الإيمان المسيحي. ومن بين قادة هذه المدرسة القديس أكليمندس السكندري، St. Clement، القديس أوريجينوس، St. Origin، وغيرهم الكثير، ممن استخدمهم الله، لنشر الإنجيل في مصر وما حولها.
وفي عام 2002م، تشاور المطران منير مع أساقفة الكنيسة الأسقفية، ومنهم نيافة المطران ايراج متحدا، Iraj Mottahedeh، من إيران، والأسقف أليكساندر مالك، Alexander Malik، من باكستان، ورئيس الاساقفة الدكتور يونج بنج تشَنج، Yong Ping Chang، من سنغافورة، ورئيس اساقفة كانتربري الدكتور روان وليامز، Rowan William، من إنجلترا، والاسقف روبرت دونكان، Robert Duncan، من الولايات المتحدة، و الاسقف جوسيان فيرون، Josain Fearon، من نيجيريا، والاسقف الدكتور كينيث كراج، Kenneth Cragg، من انجلترا.
في عام 2003م، كلفت الأبرشية فريق عمل لوضع خطة من أجل تأسيس كلية اللاهوت الأسقفية، AST. قام فريق العمل بوضع خطة تنفيذية واقترح أن يكون للكلية فرعان أحدهما في الأسكندرية والثاني في القاهرة، لإتاحة فرصة تلقي التدريب اللاهوتي أمام أكبر عدد من الطلبة.
في عام 2004م، عقد المطران منير مؤتمرًا للتشاور حول مستقبل التعليم اللاهوتي في مصر. وقد حضر هذا المؤتمر لفيف من المعلمين اللاهوتيين من عدة دول والذين من بينهم القس الكانون كولِن شابمان، Colin Chapman، والقس الكانون آندرو ويلر، Andrew Wheeler، الدكتور القس مايكل جرين، Michael Green، والدكتور القس روبرت دويل، Robert Doyle، والقس عماد عزمي الذي تولى منصب عميد الكلية في سنينها الأولى.
تم افتتاح فرع كلية بالقاهرة رسميًا بتاريخ 25 أكتوبر 2005م في كاتدرائية جميع القديسين بالزمالك، وبالتزامن مع المؤتمر الثالث للجزء الجنوبي من الكرة الارضية. أما فرع الأسكندرية فقد تم افتتاحه في كنيسة ق. مَرقُس بالمنشية بتاريخ 23 مايو 2006م، برعاية الاسقف الدكتور جورج كاري ، رئيس اساقفة كانتربري سابقًا. وقد بدأ هذا الفرع بحوالي 40 طالبًا من شتى الخلفيات المسيحية الأرثوذكسية، الأسقفية، الكاثوليكية، المعمدانية، الإنجيلية المشيخية، والإخوة.
في عام 2009م، أقامت الكلية أول احتفال لأول دفعة من الخريجين في كنيسة القديس مَرقُس الأسقفية بالمنشية، وقد قدم كلمة الحفل نيافة المطران منير حنا أنيس. وفي 1 فبراير 2009م، قام نيافة المطران بتدشين كنيسة القديس مرقس لتصبح كاتدرائية في الأسكندرية، وذلك بحضور رئيس اساقفة كانتربري الدكتور روان وليامز، Rowan William، و رؤساء اساقفة الكنيسة الأسقفية. وفي كلمته، لفت رئيس الأساقفة وليامز انتباه الكلية إلى أنها تقف في مكانها الصحيح من حيث التقليد بحسب القديس مرقس الذي كرز بالإنجيل في مصر في القرن الأول الميلادي، واستشهد في الأسكندرية، وعلى الكلية أن تثبت في إنجيل يسوع المسيح بتبني هذا التقليد جنبًا إلى جنب مع القديس مرقس.
في عام 2010م، أقامت الكلية حفلها الثاني بتخريج الدفعة الثانية من طلابها في كاتدرائية جميع القديسين بالقاهرة بحضور الاسقف جون سَنتامو، John Sentamu، رئيس أساقفة يورك، الذي قدم كلمة الحفل. أيضًا، شهد هذا العام بداية برنامج الماجستير في الدراسات الكتابية بالتعاون مع كلية موور اللاهوتية،Moore Theological College ، في استراليا.
في عام 2011م، في حفل الكلية الخاص بالدفعة الرابعة من خريجها في كاتدرائية جميع القديسين، قدم كلمة الحفل الاسقف جورج كاري راعي الكلية والأسقف السابق لكانتربيري.
في أغسطس عام ٢٠١٣م، تم تعيين الدكتور القس سامي شحاتة، عميد كاتدرائية القديس مَرقس في الأسكندرية، مديرًا لكلية اللاهوت الأسقفية، وهو حاصل على دبلوم في اللاهوت من جامعة ويلز، Wales، ودرجة الماجستير في الدراسات المرسلية، ودرجة الدكتوراة من جامعة بيرمنجهام بانجلترا، Birmingham, UK.
وفي نفس العام، وضعت كلية اللاهوت الأسقفية حجر الأساس لكُليَّتيَن، الأولى كلية القديس فرومنتيوس في إثيوبيا، تحت إشراف الاسقف الدكتور جرانت لِمَرقند، Grant LeMarquand، والثانية كلية القديس كبريانوس في تونس تحت إشراف الاسقف الدكتور بِل أ. مَسْك، Bill A. Musk، وقد بدأت كلتاهما في البحث عن مصادر التمويل المادي، وبناء الحملات، وجمع الكتب اللاهوتية، وجذب طواقم التدريس والإدارة. وبالفعل بدأ أول برنامج للدراسات اللاهوتية في تونس عام ٢٠١٧ والذي يمنح درجة الدبلوم.
أقامت الكلية برنامج ماجستير في العلوم اللاهوتية لمدة عامين بالتعاون مع كلية ترينتي بنسيلفانيا Trinity School for Ministry TSM وذلك عام ٢٠١٥م.
في إطار سعي الكلية لنوال الاعتماد الأكاديمي وبعد بدء خطوات الاعتماد من رابطة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للتعليم اللاهوتي MENATE، حصلت الكلية على عضوية الرابطة عام ٢٠١٨م، وجاري تنفيذ خطوات الاعتماد للشهادات العلمية التي تقدمها الكلية.
كما بدأت كلية اللاهوت الأسقفية برنامج ماجستير في اللاهوت ThM بالتعاون مع كلية بيوريتانز بالولايات المتحدة PRTS Puritan Reformed Theological Seminary بداية من عام ٢٠٢٠م، وهو البرنامج المعتمد من هيئة ATS Association of Theological Schools in USA and Canada.
وفي أغسطس ٢٠٢٠ تحولت أبروشية مصر وشمال إفريقيا والقرن الإفريقي إلى إقليم الإسكندرية، وهو الإقليم الحادي والأربعون من أقاليم شركة الكنائس الإنجليكانية Anglican Communion. وبذلك أصبحت كلية اللاهوت كلية إقليمية خادمة لأكثر من عشرة دول.
اليوم، في كلية اللاهوت الأسقفية نرغب في إتباع أفضل ما قدمته مدرسة التعليم الديني الأولى في الإسكندرية. فبالرغم من مرور 2000 عامًا على تلك المدرسة، ومع أن الزمن تغيَّر، إلا أن تكليف ربنا يسوع المسيح لرسله بشأن تلمذة جميع الأمم لا يتغير وباق كما هو. صلاتنا أن تكون كلية اللاهوت الأسقفية أداة في يد الله لنشر رسالة الإنجيل.